الأربعاء، 6 مارس 2013

هيتشكوك


بقلم كريستينا غليغسمان
نقلتها إلى العربيّة يارا شعاع أبو حديد

Director: Sacha Gervasi
Starring: Anthony Hopkins, Helen Mirren, Scarlett Johansson
UK Release date: 8 February 2013
Certificate: 12A (98 mins)







في عام 1959، في العام نفسه الذي لعب فيه فيلم "الشمال من االشمال الغربي" النقدي والذي لاقى رواجاً شعبياً، يكمل ألفريد هيتشكوك مخرج العديد من الأفلام ومقدّم أشهر برنامج تلفزيوني بعنوان "ألفريد هيتشكوك يقدّم"، عامه الستّين. بحثاً عن الإلهام، قرأ رواية الكاتب روبيرت بلوش الجديدة "سايكو" التي تتناول شخصيّة إي دي غين القاتل المختلّ الذي تمّ توقيفه في ويسكونسون عام 1957. سرعان ما أنهى هيتشكوك قراءة الرواية حتى اتّخذ قرارًا بإخراجها كفيلم لكن تمّت معارضته تقريبًا على جميع الجبهات من أولئك الذين صُدموا مِن الوحشيّة والأحاسيس التي تثيرها القصّة. تابع هيتشكوك إنتاج "سايكو" منذ البداية لتحقيق نجاح غير مسبوق.
أريد الإعتراف بشيءٍ ما. لم أرَ سايكو قطّ. أحبّ أفلام هيتشكوك لكنّني أتجنّب الأفلام التي تتناول قصص الرعب، رغم ذلك أرى بضعًا من إبداعاته. لم أر فيلمه الذي يقول فيه عبارته الشهيرة. أعرف القصّة ونهايتها. دون أن أرى سايكو ما أزال أفهم هيتشكوك وأتمتّع كثيراً برؤيته، لكن إن كنتَ تريد أن تشاهد "سايكو" يوماً شاهده قبل أن ترى هيتشكوك. أنا متأكّدة من أنّ السيّد هيتشكوك سيشعر بشيءٍ من الإحباط إن شعر أحد مشاهديه الأوفياء بأنّ النهاية مملّة.
فيلم هيتشكوك رائع. يقوم أنتوني هوبكنز بدوره بشكلٍ رائع. حوّل إسمًا مألوفًا وصورة ظليّة لشخص -  وشخص ضعيف إلى حدٍ ما في ذلك- إلاّ عندما يتعلّق الأمر بأفلامه. يمكن أن يكون أنانيّ ومشاكس، يستسلم للرذائل مثل الكحول والشهوة، لكنّه واثق وثابت في قصده. مثل ألفريد هيتشكوك، لدينا جميعًا وجوهًا مختلفة تظهر في أماكن عديدة: في المنزل وبين الأصدقاء وفي العمل. لهذه الوجوه المختلفة جوانب من نفس الطابع، وفي سايكو يكشف هيتشكوك عن الغضب العنيف الذي يراه موجوداً في كلّ منّا، نائمًا عند معظم الناس مع القدرة على الخروج نظرًا لمحفزات الحقّ.
كشفت هذه الفكرة من خلال توجيه هيتشكوك جين إي دي في هذا الفيلم. جزئيًّا الساعات الطويلة التي خصّصها هيتشكوك للإنتاج لإعادة إنشاء السلوك المروِّع والإجراءات لرجل مضطرب نفسيًا وقاتل، وتمثّل الصورة التي في ذهن جين أيضًا القدرة على الشرّ في نفسه، ممّا يدفع به إلى الغيرة والشكّ. لعب دور جين مايكل وينكوت بشكلٍ تقشعرّ له الأبدان وأضاف حضوره إلى الدراما المباشرة عنصر الرعب، ليس بمعنى الرعب المفاجئ بدلاً عن الشرّ بدمٍ بارد الصادر عن البشر. تتمّ معالجة هذا العنصر بشكل جيّد رغم أنّه ميزة قويّة للفيلم، فهذا ليس غلبة.
أنتوني هوبكنز وبقيّة الممثّلين أدّوا أدوارهم، بالتأكيد، بشكلٍ رائع، ولكنّ نجْم هذا الفيلم هو هيلين ميرين التي تقوم بدور ألما ريفيل، زوجة هيتشكوك. ألما شخصيّة رائعة، تباري زوجها من ناحية الفكر وقوّة الإرادة. إنّها يده اليمنى لا غنى له عنها وهو يعرف ذلك. لديها موهبة نادرة وهي أن تعلم متى تُظهِر دعمها وتمدّ يد العون له وتبوح لزوجها بما في جعبتها.
الشراكة بين ألفريد وألما هو الموضوع المُهَيْمن في الفيلم. هما أيضًا سبب ألم لبعضهما من خلال الغيرة والشكّ، ولكن ولاء ألما وقوّتها أكثر من كونها مبارزةً لزوجها، رغم نقاط ضعفه، يعلم أنّه مدين لها. العلاقة بينهما هي صورة للصراعات وانتصارات الزواج.
لم يكن ألفريد هيتشكوك فقط المخرج، بل كان فنانًا، عرف أهميّة طرح أشياء جديدة ومختلفة، حتّى لو كان ذلك يَعني تعريض سمعته الراسخة باعتباره واحدًا من أعظم المخرجين في هوليوود. كان يعرف أنّه في بعض الأحيان في الفن، كما في الحياة، من الضروري أن نترك وراءنا كلّ شيء آمن، مألوف ومريح والمخاطر في تزوير مسارات جديدة واستكشاف المناطق غير المعروفة.


رابط المقال الأصليّ:            http://www.thinkingfaith.org/articles/FILM_20130208_1.htm

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق