الأربعاء، 13 مارس 2013

لينكولن



بقلم كريستينا غليكسمان
نقلته إلى العربيّة جانيت رزق

 
Director: Steven Spielberg
Starring: Daniel Day-Lewis, Sally Field,
David Strathairn, Tommy Lee Jones
UK Release date: 25 January 2013
Certificate: 12A (150 mins)







أبراهام لينكولن، كما جورج واشنطن وبنيامين فرانكلين، من الشخصيّات التي لديها مكانةً شِبهَ أُسطوريّة في التاريخ الأميركيّ والتي ساعدت في تشكيلِ هويّة الشعب الأميركيّ. فصورة الرئيس النحيف المُلتَحِ الذي يَعتَمِرُ قبَّعةً كبيرةً مُمكِن التَعرُّف عليها فورًا على الصعيدِ الوطنيّ. كما أنّ اليوم الوطني المخصّص للاحتفال بعيد ميلاد جورج واشنطن يُعتَبر أيضًا يومًا تكريميًّا للرُؤَساءِ، إذ يُصادِف عيد ميلاد الرئيس الأوّل للولايات المتّحدة بفارِق عشرةَ أيّامٍ مع الرئيس السادِس عشر. يستطيع أيّ طفلٍ يتعلّم في مدرسةٍ أمريكيةٍ، أن يسمّيَ أبراهام لينكولن على أنّه واحدٌ من رؤساء الولايات المتّحدة، وربّما أستطاعَ الطّفل أن يُضيف بأنّ لينكولن وُلِد في كوخٍ خشبيّ ( وهذا المَثَل يُعطى لدعمِ القَول بأنّ أيّ شخص، من أيّ خلفيّةٍ أتى، بإمكانه أن يُصبِح عظيمًا في أميركا). وبَين الأحداث يشتهرُ لينكولن بأنّه أنهى الحرب الأهليّة التي وقعت بين عاميّ 1861 و1865 (على الرغم من أنّه كان أقلّ شهرة في بدئها) وإلغاء الرقّ في الولايات المتّحدة. لذلك عندما سمعتُ أنّ ستيفن سبيلبرغ يصنع فيلمًا عن لينكولن، سُحِرتُ بفكرةِ أنّ سيّد الدراما والانفعالات سيقدِّم هذا الرجل التاريخيّ والأسطوريّ.
فيلم لينكولن يُركِّز على أحداثِ كانون الثاني لسنة 1865، عندما قرّر الرئيس لينكولن تبنّي تعديلَ دستور الولايات المتّحدة الأمريكيّة، وتعديل البند 13 الذي حرّم ممارسة الرقّ في جميع أنحاء البلاد اقتداءً بالولايات الشماليّة. وقد تمّ تمرير مشروع القانون في مجلس الشيوخ لكنّه رُفِض من قِبَل مجلس النواب. وفي كانون الثاني عام 1865، سعى لينكولن لأن يُعرض التعديل أمام البيت الأبيض مرّة أخرى. فرفَضَ العديد من الأشخاص التعديل، تخوفًا من أن يَفتَح هذا القانون الباب أمام القيام بالخطوة الأولى نحو المساواة العرقيّة، ولكنّ البعض الآخر كانت حجّته أكثر قوّة.
كانت الحرب بين الولايات قد وصلت الى نهايتها. وكان الجيش الكونفدرالي مشرذمًا، جائعًا، ومستنفدًا لقواه. وكان الوقت قد حان لإحلال السلام والترحيب بعودة الولايات الضالّة إلى الحظيرة.  خشيّ العديد من السياسيّين من أن يؤدي هذا التعديل في رفض العبوديّة إلى عداوة مع الولايات الرافضة وإطالة فترة الحرب. وكان اقتصاد الجنوب مستندًا على الزراعة، وهذا ما جعله يعتمد على الرقيق الذين عملوا  في إدارة المزارع.  
من خلال فرض هذا القانون على التشاور في مجلس النواب، رأى الكثيرين أنّ الرئيس كان  يهدّد السلام الذي أَصبَحَ في متناولِ اليدّ ويخاطرُ في حياةِ العديد من الأبناءِ والإخوةِ والأزواج.
يبدو أبراهام لينكولن غريب الطّباع في الفيلم، فيظهر لامبالي وتعابيره مرتبكةً دائمًا، ما يجعله يبدو متعجرفًا إلى حدّ ما ويعطي انطباعًا  بأنّه لا يتحسّس خطورة أيّ موقف. وأمام كل موقف يتفوّه بنكتةٍ أو بقولٍ مأثورٍ، بدون أيّ اهتمامٍ لطريقتِه في التواصلِ إذا ما كانت مناسِبة أو محطّ تقدير. معظم الناس يعلّقون على كلّ كلمة، ولكنّ المُتأثّرين بهِ قليلاً يرون أنّه مثير للغضب. ولأكون صادقًا، أجدُ أنّ الاكتفاء الذاتيّ لدَيْه وعَدَم الإحساس موقِف مُزعِج ومملّ على حدِّ سواء.
شخصيّة لينكولن في الفيلم تُظهِر القليل من الانفعال، باستثناءِ مرّة واحدة عندما تتذمّر زوجته ممّا حصَلَ له مؤخّرًا، حين لم تُقدِّم لَه الحكومة الدّعم الكامل – وهذا ليس مستغربًا جدًا لأنّه تآمرَ من وراء ظهرِهم ولم يأخُذ على محمَلِ الجدّ فكرة أنّ التّعديل مُمكِن أن يكونَ عائِقًا أمام السلام الدائم. نادرًا ما يُظهِر أيّ شك في تحقيق مشروع القانون  الذي يريده في هذا الوقت من التاريخ، وهو يتلاعَب بِخصومِه بشكلٍ حاذقٍ، ويُحافِظ على إِظهارِ ثقةً عمياءً بنفسه. ربّما كان لينكولن هكذا حقًا، أو ربّما يُظهِره الفيلم هكذا لتجنّب تحجيم هذه الأسطورة وتقديمه على أنَّه إنسان عاديّ. وعلى أيّة حال، فإنّه لا يجسِّد دراما مثيرةً جدًا.
بالنسبة لي، فيلم الرئيس لينكولن هو دراما وثائقيّة مقبولَة. ولكنّني  أودّ أن أُلفِت نَظَر المشاهدين الذين لا يعرفون تلك الحَقَبة من التاريخ الأميركيّ أنّ الفيلم لا يقدِّم بشكلٍ صحيح انفصال ولايات الجنوب والحرب التي تلت ذلك، لكنه يعالج التفاصيل المتعلّقة  بالبند 13 من الدستور وإعلان تحرير العبيد السابق، وشرح التعقيدات القانونيّة والسياسيّة. قد يحتاج المشاهد قبل مشاهدة الفيلم إلى مراجعة سريعة للتاريخ  لأنّ المعرفة الأساسيّة للتاريخ تساعد في فهم المعلومات التي يتمّ حشرها في حوار سريع أحيانًا، وهذا ليس كافيًّا من ناحية الدراما.
لا أَنْصَح محبّي الدراما بفيلم لينكولن، لكن أوصي بهِ للمهتمّين بالسياسةِ والتاريخِ أو علمِ الاجتماع، فإنّ الفيلم يستحقّ المشاهدة لأنّه يُلقي الضوء على حدثٍ هامٍّ في تاريخِ الولايات المتّحدة.

رابط المقال الأصليّ: http://www.thinkingfaith.org/articles/FILM_20130125_1.htm

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق