الأحد، 20 مايو 2012

هوغو كابريه



فيلم لمارتن سكورسيزي (2010) – حصل على خمس جوائز أوسكار، أفضل تصوير وأفضل مؤثرات صوتية وأفضل ديكور وأفضل توزيع وأفضل هندسة صوت.

بقلم الأب أوليفر بورج أوليفييه
نقلها إلى العربيّة جانيت رزق 



تجري أحداث الفيلم في الثلاثينيّات من القرن الماضي، وتدور حول حياة مراهق يتيم يدعى هوغو يبلغ الثانية عشرة من العمر ويعيش في محطّة للقطار في باريس. ماضي هوغو سر ومصيره لغز. إذ لم يبق لديه إرث من والده سوى آلة غريبة يسعى للعثور على مفتاحها - على شكل قلب – كي يجعلها تعمل. ومن خلال لقائه مع إيزابيل، ربما يكون قد وجد المفتاح، ولكن هذه ليست سوى بداية المغامرة ...

مارتن سكورسيزي ليس بحاجة إلى التعريف عنه لجمهور السينما، ولِدَ في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية في السنة 1942، مخرج سينمائي أمريكي من أصل إيطالي، يُعَد من أشهر المخرجين في هوليوود. قدم سلسلة من الأفلام التي لا تنسى ومنها: «شوارع» و«سائق التاكسي» و«نيويورك، نيويورك» في السبعينيّات ثم «الثور الهائج» و«لون المال»، و«الإغواء الأخير للمسيح» في الثمانينيّات، و« رفاق طيبون أو رفقة طيبة»، و«عصر البراءة» و«كوندون» في التسعينيّات. و«عصابات نيويورك» و«الطيار» عام 2000 و«المغادرون» و«جزيرة المصارع» و«ممر الإمبراطورية » و«الحياة في العالم المادي» حتّى العام 2010. كل هذه الأفلام تُظهر براعته في الفن السابع وقدرته على تقديم أفلام من أنواع مختلفة. وفي فيلمه «هوجو كابريه» أراد سكورسيزي خوض تجربة سينمائية جديدة بالأبعاد الثلاثية.

صحيح أنَّه في الآونة الأخيرة لا تنقصنا الأفلام الثلاثيّة الأبعاد مما يجعلنا نعتقد أن سكورسيزي قام بذلك لمجرّد أنّها موضة حاليّة خضع لها لتسويق فيلمه. ولكنّ هذا الأمر لا ينطبق عليه إطلاقًا. لأنّ تقنيّة التصوير الثلاثيّة الأبعاد هي حقًا جزء لا يتجزّأ من الفيلم، وتلعب دورًا هامًّا في ما يريد سكورسيزي أن يقوله لنا.

برز فيلمان رائعان في العام 2010 هما «الفنّان» و«هوجو كابريه» والفيلمان من التحف الحقيقيّة الّتي تكرّم السينما الصامتة وتاريخ السينما. وحصل الفيلمان على نسبة عالية جدًّا من النجاح من قبل المشاهدين والنقّاد. منذ ظهور السينما كان هناك اتجاهان أحدهما واقعيّ كسينما الإخوة لوميير اللذين قدّما للمشاهد قطارًا يخرج من المحطة أو عمالّا يغادرون المصنع والنوع الثاني هو سينما جورج ميلياس، الذي يهدي سكورسيزي فيلمه اليه، وكما يقول والد هوغو في الفيلم إنّ هذا النوع يستطيع «القبض على الأحلام»، ويحملنا على الحلم.

وكان هذا ما اراده مارتن سكورسيزي. وعلينا الاعتراف بأنّه نجح بشكل مثير للإعجاب في استخدام الأبعاد الثلاثيّة. والأبعاد الثلاثيّة تساعدنا على الحلم، فنعيش في عالم الحلم، عالم الساعات الكبيرة والسحر والخيال. في نهاية الفيلم، يدعونا جورج ميلياس (رائعة بن كينغسلي) بهذه الكلمات: «يا أصدقائي، أنا أتحدّث إليكم هذه الليلة كما أنتم حقًّا: سحرة، حوريّات بحر، مسافرون، مغامرون، ... تعالوا معي لنحلم».

لكنّ الفيلم ليس للترفيه فقط، لأنّه يستعمل عبارات حكيمة تدعونا إلى التفكير في معنى الوجود. عندما يحثّ هوغو صديقته ايزابيل كي ترى باريس من أعلى ساعتها الكبيرة، حيث كان يلتجئ في كثير من الأحيان بعد وفاة والده، يقول لها: « بعد وفاة والدي مباشرة كنت أجيء إلى هنا في معظم الأحيان. وكنت اتصوّر أنَّ العالم كلّه ليس سوى آلة كبيرة. تعلمين أنّه ليس في الآلات أجزاء زائدة لا تلزم لشيء. فهي دائمًا مصنوعة من عدد محدَّد من القطع الّتي تحتاجها. وفكّرت أن العالم يشبه آلة واحدة كبيرة، وأنا كجزء منه لا يمكن أن لا يكون لي دور فيه. أنا موجود هنا لسبب ما. وهذا يعني أنّك أنت أيضًا موجودة هنا لسبب ما. ومن خلال عيشه وسط الآلات وعندما كان يقوم بتشغيل الساعات في محطة القطار، فهم هذا الشاب اليتيم أننا لسنا في العالم عن طريق الصدفة، وأنّ كلّ واحد منّا هام وأنّ لكلّ واحد منّا وظيفة ولديه رسالة خاصة به. وتابع: «ربما لهذا السبب أحزن قليلاً عندما تكون آلة ما معطّلة. لأنّها لا تستطيع أن تفعل ما كان يجب أن تقوم به ... ربّما كان الأمر نفسه ايضًا بالنسبة إلى الأشخاص. إذا فقدت هدفك ... تشعر أنّك انكسرت وأنك لم تعد قادرًا على السير.»
عندما يكتشف هوغو من هو في الحقيقة «بابا جورج»، وأنَّه المخرج الكبير جورج ميلياس، شعر أنَّه فقد معنى وجوده وأنّ عليه «إصلاحه»، أن يساعده في العثور على قيمته ورسالته من جديد، وهي أن يجعل الناس يحلمون من خلال فنه.

الممثلون جيدون بالفعل. ليس فقط بن كينغسلي، الّذي لعب سابقًا أدوارًا أخرى مهمّة، ودائمًا بشجاعة. فالمراهقان هوغو (آسا باترفيلد) وايزابيل (كلو غريس مورتز) أثبتا أيضًا أنّهما فعلاً ممثّلان. وستضحك ساشا بارون كوهين الأطفال دون شك، والكبار أيضًا، في دور المفتّشة في المحطة.
يخلط سكورسيزي في هذا الفيلم بين الوثائقي والخيالي ليعطينا فيلمًا جميلاً عن تاريخ السينما وأحد أكبر مخرجيها الأوائل.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق