الأحد، 2 يونيو 2013

عوارض جانبيّة

بقلم آدم بيري

نقلته إلى العربيّة جانيت رزق 





Director: Steven Soderbergh 
Starring: Rooney Mara, Channing Tatum, Jude Law 
UK Release date: 8 March 2013
Certificate: 15 (106 mins)





أعلن المخرج ستيفن سودربيرغ أنّ «عوارض جانبيّة» سيكون فيلمه الروائيّ الطويل الأخير. بعد أن وصَل إلى سنّ الخمسين، وقال انّه يريد أن يتقاعد من صناعة الأفلام إلى التركيز على مصالحه الأخرى، بما في ذلك الرسم. فإذا كان هذا آخر فيلم له حقًا، فليست خاتمة سيئة لمهنة ناجحة بشكلٍ كبير.
يروي الفيلم قصّة إميلي (روني مارا) امرأة في الثامنة والعشرين من العمر، انتظرت مدّة أربع سنوات لكَي يُطلق سراح زوجها مارتن (تشانينج تاتوم) من السجن بعد إدانته في عملية تهريب كبيرة. يحاول مارتن عند إطلاق سراحه، استعادة حياته المثاليّة مع زوجته، ولكن يبدو أنّ شيئًا ما قد تغيّر بينهما، فهم لا يستطيعان العودة إلى الوراء. وبعد أن تستخدم إميلي لبعض الوقت مضادّات الاكتئاب، تقوم بمحاولة انتحار فاشلة ويتمّ استدعاء طبيب نفسي، الدكتور جوناثان بانكس (جود لو)، الذي يصف لها «دليل» من المخدرات لتحسين الحالة المزاجيّة لكن تأثير هذه المخدرات ضئيل أو معدوم. في محاولاته لإنقاذ مريضته من حالتها الهشّة، يتشاور بانكز مع طبيبتها الشخصيّة، الدكتورة  فيكتوريا سيبرت (كاثرين زيتا جونز) التي توصيّ بانكز، من غير تكلّف، بإعطاء إميلي دواء جديدًا « سحريّ» يدعى «أبليكسا».
ويبدو أنّ العلاج  يعطي نتائج خارقة، لكِن لديه بعض العوارض الجانبيّة المزعجة إلى حدّ ما: إذ يتسبّب بتغيّير جذريّ في واقع إميلي وتجعلها المخدرات تتحرّك وهي نائمة في فترة معيّنة، فتقوم بارتكاب جريمة قتل غير متوقّعة تمامًا. تتناول محاكمة قانونيّة صحّة عقل إميلي فضلاً عن مدى مسؤوليّة الذين ينتجون هذه العلاجات والذين يصفونها. تداعيّات المحاكمة  تقضي على بانكز. هذا التسلسل من الأحداث يهيّئ المسرح لمحاولة بانكز تبرئة اسمه ومعرفة حقيقة مَن وراء الجريمة. هل اللوم يقع على الدواء وعلى العلاج حقًا أو أنّ المسؤوليّة تكمن في مكان آخر؟
هذا الفيلم غامض ويسوده الإرتباك، خاصّةً أنّ طريقة عرض القصّة لا تُساعد بالضرورة على معرفة الطابع الرئيسيّ للفيلم الذي هو في الواقع الجشع. لكنّك لا تعرف الطريقة التي تقدّم فيها القصّة الشخصيّات المتعدّدة، بدلاً من ذلك، يسمح كلّ من سودربيرغ وكاتب السيناريو سكوت بيرنز للشخصيّات أن تبقى مخفيَّة تقريبًا، وقوّة الحقد تقود القصّة منذ بدايتها فيسود جوّ من النعاس والتثاقل ويتسلسل الهوّس حتى النهاية الإنتقاميّة.
  يتمّ إعطاء مؤشّرات مبكرة عندما نعلم أنّ مارتن يستخدم أساليب غير قانونيّة لتحسين حسابه المصرفيّ لدفع ثمن منزله الجميل وكلّ الكماليّات والبذخ الذي ينعم به على إميلي. والوقت الذي قضاه في السجن هو نوبات من الحزن لفقدان هذه الصورة  للحياة المثاليّة، وكذلك حزن اميلي على فقدان أسلوب حياتها وزوجها يسمّمها، ويتجلّى في انهيارها العصبيّ. يُقام هذا السيناريو كأنّه مرآة للجشع المتنامي لدى بانكز الذي يحصل على المزيد والمزيد من العملاء، ويجهد نفسه أكثر وأكثر، ويوقّع عقدًا بخمسين ألف دولار سنويًا مع صنّاع «ابليكسا» لدفع ثمن شقته الجديدة الفاخرة في وسط مدينة مانهاتن. في حين أنّ عددًا كبيرًا من شركات الأدوية الكبيرة تغتني من الفوائد. الجشع  موجود في كلّ مكان.
على الرغم من كل هذا، يبقى تسليط الأضواء على التفاعل بين بانكز وإميلي، والتباين في تطور شخصيّاتهما. بانكرز يتحوّل بهدوء من طبيبٍ نفسانيّ مُحترم ورجل الأسرة إلى شخصيّة المُوسوس والمُنتقم.
يصوّر «لو» هذا بمهارة، من خلال التعرّجات في سياق الفيلم. ولكنّه يحتاج الى ورقة ضاغطة لتحقيق التوازن في الأداء، ونجد ذلك في «مارا» التي في الوقت ذاته تبدو ضعيفة ولكن لديها حضور مهدّد. «مارا»  تتنقل من شخصيّة ضعيفة يُرثى لها عندما تعطس إلى شخصيّة تهدّد الآخرين وتثق بنفسها كما نرى ذلك في التفاتة عينيها.
وتختبئ «مارا» عند كلّ مشهد ويبدو «بانكز» وكأنّه يفقد عقله، وتبدو إميلي أنّها تمكّنت منهما. هذه المُداخلات ورفض سودربيرغ إدانة أيّ من شخصيّاته هي التي تحمل الحضور الاحتيالي للطمع في الفيلم.إنّ انتشار استخدام الأدوية المخدّرة، يذكّرنا أنّه بإمكاننا أن نخفي أو نخفِّف الجوانب السيّئة من واقعنا، ولكن في نهاية المطاف تبقى الأسباب الجذريّة كامنة من دون منازع ودون تغيير. وهذا هو الحال مع  فيلم «العوارض الجانبيّة»، الذي  يعرض فيه سودربيرغ الشرّ المتأصّل في الجشع الذي يحرّك جميع الشخصيّات الرئيسيّة، ولكن يخفونه بواسطة أكاذيبهم المفصّلة. في نهاية المطاف، يبقى الشرّ موجودًا وواقعًا لا يُمكن تغييره.





رابط المقال الأصليّ:
http://www.thinkingfaith.org/articles/FILM_20130315_1.htm


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق