الخميس، 16 مايو 2013

جانغو المتحرّر


بقلم أمبروز هوغان
نقلته إلى العربيّة يارا شُعاع أبو حديد




Director: Quentin Tarantino
Starring: Jamie Foxx, Christoph Waltz, Leonardo DiCaprio, Kerry Washington, 
Samuel L.Jackson
UK Release date: 25 January 2013
Certificate: 18 (165 mins)






يتناول هذا الفيلم قضيّة العنصريّة المعاصرة، باستخدام حالة العبوديّة في أمريكا ما قبل الحرب الأهليّة كرمزٍ لذلك. إنّه ثمرة ما بعد الحداثة التاريخيّة ودَمج الأعراف الشاملة كما في فيلم بلاكسبواتيشيون والسباغيتي الغربيّة. اقتُرضت الميّزات من الغرب، مُتمثّلة بدعوةِ الجميع إلى حملِ السلاح بحثًا عن امرأته المظلومة، الغرباء الموجودين في المدينة والصائديّ والإثارة والكتب الهزليّة العنيفة. من بلاكسبواتيشيون يستعير مكانة ذهبَ مع الريح، وبعض المشاهد المروّعة من صراع العبيد بين بعضهما البعض حتى الموت بناءً على طلب من سادتهم البيض.

في الماضي، أعطت مقاربتي العبثيّة على الشاشة، المستشارين اليسوعيّين، فرصةً لرفضه؛ ومع ذلك، لديّ مسؤوليّة تجاه محبّي القراءة الكاثوليك الكثيريّ العدد تتمثّل بالاعتراف بالعنف المُفرط في هذا الفيلم. من الضروريّ هنا القول إنّه إذا كنتَ سريع التأثّر ولا تحبّ رؤية الدمّ، لا تذهب لرؤية هذا الفيلم. وجَد بعض الناس أنّ وحشيّة التمثيل، ببساطة، لا تُطاق، واضطروا للخروج.

الارتباط بمسألة العنف يتمثّل بالادّعاء بأنّ جانغو المتحرّر، بدلًا من أن يكون الفيلم مُناهض للعنصريّة التي زعم تارانتينو بوجودها، في الواقع يديم منطق السينما العنصريّ. هذه نقطة خفيّة – وهي إحدى الأمور التي أدلى بها سبايك لي - ولكن ما تتّصل بهاجس تارانتينو مع الميزانيّة المُنخفضة لأفلام الحركة في سبعينات القرن الماضي. من هذه المصادر، ألغم تارانتينو مفردات الباروك السينمائيّة أعطت ترابطًا بصريًّا للأفلام التي تحمل اسمه، وأكسبته لَقَب المؤلّف. ومع ذلك، في هذه الحالة بالذات، فإن السؤال هو ما إذا كان قد استخدم شكليًّا كتاب هزليّ عنيف وتكرار بارع لاتفاقيّات سينما بلاكسبواتيشيون التي تعزّز القوالب النمطيّة العنصريّة بدلًا من تقويضها. الادّعاء هو مجرّد تقديم ما هو (بشكلٍ عام، إن لم يكن في نيّة) فيلم بلاكسبواتيشيون حول العبوديّة التي هي في الأساس عدم احترام حتميّ، مهما كانت الدوافع أو المبرّرات الأخرى. تخيّل حفلة موسيقيّة عن مجاعة البطاطا، أو حياة هتلر، وسوف تحصل على وجهة نظري.
ثم هناك سؤال حول اللغة. ولدت كميّة كبيرة من الأنماط والضجيج من خلال الاستخدام المتكرّر لكلمة "زنجيّ" في البرنامج النصيّ (وردت أكثر من 100 مرة). واجه ناقد أفلام أمريكيّة أبيض يدعى جاك هاملتون بعض الصعوبات مع صامويل جاكسون لتذلله وعدم قدرته على استخدام الكلمة، رغم أنّه يريد معرفة استخدامها المتكرّر في الفيلم. كما تساءل سبايك لي أيضًا (بعقلانيّة كما أعتقد)، بالضبط لماذا تتضمّن كتابة كوينتن تارانتينو ذلك في أغلب الأحيان. وهناك آخرون يتّهمون تارانتينو بالعنصريّة بسبب اللغة التي تستخدمها شخصيّاته.

أجد أنّ هذا النقاش غير مُنتج نوعًا ما. إنّه مهمّ ومثير للاهتمام للحلّ في الرباط الخَشن السيميائي للنيّة والاستنساخ والترابط بين محاكاة ساخرة مع اللغة البصريّة من العنف والعنصريّة؛ لكن ربّما يكون من المفيد على الفور طرح سؤال آخر: لماذا هذا الفيلم موجود، ولماذا يسبّب الكثير من النقاش إلى هذا الحدّ؟

إنذار كابح
هذا هو السؤال بسيط للردّ: الفيلم أمر واقع - والناس يتحدّثون عنه كثيرًا - لأنّنا نعيش في مجتمع عنصريّ. العِرق كان من أولى أسّس الأمّة الأمريكيّة، وجزءًا لا يتجزّأ من العنصريّة في المجتمع البريطانيّ أيضًا. قد يتفاجأ بعض القرّاء البريطانيّين لهذه المجلة بسبب هذا التعليق الأخير ورضى الصورة الذاتيّة في المملكة المتّحدة بوصفها بوتقة تسامح. لكن التسامح البريطانيّ يمتّد بسهولة للبنى والنظم العنصريّة، مثل نِظام تعليم تسود فيه عدم المساواة العرقيّة، وذلك بنسبة تتقدّم ببطءٍ نحو المساواة بين أطفال المدارس السود ونظرائهم البيض والتي لا يمكن التخلّص منها حتى عام 2054.

قد لا تَفهم هذه النقطة إن كنتَ أبيض اللون. ذلك لأنّ الناس البيض في كثيرٍ من الأحيان لا يرَون بياضهم، كما أنّهم لا يلحظون ما يجلبه لهم شرف انتمائهم العرقيّ. مشهد في نهاية النصف الأوّل من الفيلم يقدّم كناية عن ذلك. بعد الشروع في خطبةٍ عصماء عن عِلم الفراسة، البغيض الرقيق صاحب كالفين كاندي يقدّم لضيوفه – ولا يَنس قطّ أسطورة الضيافة الجنوبيّة - حلوى: شريحة من "الكعكة البيضاء". هناك توقّفات قصيرة، كالرجل الأبيض يقف مُنتصرًا وسط مزرعة بيته يُحيط بها قومٌ من النساء البيض، يتناول الكعكة البيضاء الرائعة المذاق - كلّ ذلك لإخفاء وقائع الظلم الذي يستند عليه.

لا ينتهي الأمر هكذا، بطبيعة الحال، بل ينتهي بقتل جانغو العبيد البيض والأمريكيّ الأحمر الذي أتى ضِمن مجموعة، وأخيرًا يزيّن كاندي منزله بمزرعة مثاليّة بيضاء تحت السماء العالية.

ويمكن قراءة هذه الخاتمة التي تُثير الضجّة على سبيل المُجاز: قد تجد مثلي - اللهمّ اغفر لي - أنّه بعد كلّ الساديّة والحرمان والخداع والمصلحة الذاتيّة المُتخفيّة وراء ملابس جميلة وكلماتٍ لطيفة (وأنا لا أقصد فقط في الفيلم) والدمويّة، يأتي الانتقام في النهاية كمطهر المظفرة، وهذا النظام كلّه لا يعوّض أحيانًا ما نشعر به وكأنّ الجواب الوحيد هو لتفجير كلّ شيء تحت السماء العالية.





رابط المقال الأصليّ: http://www.thinkingfaith.org/articles/FILM_20130201_1.htm


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق