الاثنين، 21 يناير 2013

المعايير العامّة لتقييم فيلم من وجهة نظر القيم الانسانيّة



1 من 3 - تقييم الشخصياّت

بقلم الأب أوليفر بورج أوليفييه اليسوعيّ
نقلته إلى العربيّة يارا شعاع أبو حديد

يرصد الفيلم أو البرنامج التلفزيوني عددًا كبيرًا من العناصر. من وجهة نظر القيم الانسانيّة هناك ثلاثة عناصر ذات أهمّيّة خاصّة: الشخصياّت، والنزاعات، وتطوّر القصّة. نقدّم إليكم عبر ثلاث مقالات مختصرة كيفيّة تقييم فيلم ما انطلاقاً من هذه العناصر. في المقال الأوّل نقدّم إليكم طريقة التقييم من وجهة نظر الشخصياّت.


تقييم الشخصياّت
قال لنا الله في سفر التكوين إنّه صنع الانسان على صورته ومثاله. هذا يعني أنّ كلّ كائن حيّ هو نسخة وصورة عن الله في آنٍ واحد. وهذا يعطي لكلّ كائن حيّ وقاراً مطلقاً وقيمة سامية. يظهر هذا الوقار عندما ينفتح الناس على الواقع، ويدركون الحقيقة، ويتحمّلون مسؤوليّة حياتهم، ويمارسون حرّيّتهم بشكلٍ مسؤول، ويختارون أن ينموا ويتطوّروا ويصبحوا أشخاصاً مفعمين بالحيويّة والابتهاج، ويستودعون حياتهم بين يديّ الله، الذي دعانا إلى المحبّة معه ويمدّون أيديهم لتقاسم محبةّ الله مع الآخرين. المحبّة، أكثر من أيّ شيء آخر، هي التي تجعلنا مماثلين لله. المحبّة هي إكمال الشخصيّة الإنسانيّة ومصدر أفراحنا العارمة.
ومع ذلك، المحبّة ليست بالأمر السهل بالنسبة إلى الكائنات البشريّة. كما أنّ المسؤوليّة والحرّيّة والخضوع والنموّ والانفتاح ليست بالأمور الهيّنة. نكتشف من خلال العمل طاقات متباينة في ذواتنا – طاقات سلبيّة وطاقات مدمّرة للحياة – نزعة إلى الكذب، ومقايضة حرّيّتنا بنوعٍ من الأمان العبوديّ، واختيار الحطّ من قيمتنا، والموت بدلاً من إزهار حياتنا بالكامل، وتراجعنا والخوف من المقتضيات المتعبة للمحبّة، بحفرة مليئة بأفاعي النرجسيّة والاستياء والخمول والتحنّن علينا. وعبّر عن ذلك القديس بولس بوضوح قائلاً: "ما أبغضه فإياه أفعل. لأنّي لست أفعل الصالح الذي أريده" (رومة 7: 15-19). 
لا يمكننا نكران واقع أنّنا مخلوقات متناقضة – ممزّقين بين الأقطاب الايجابيّة والسلبيّة، بين الحقيقة والوهم، بين المحبّة والكره، بين الحريّة والقهر، بين الرغبة في الحياة والموت – بالتناوب ضعفاء وشجعان، مفعمين بالعيوب والحسنات. هذا الصراع الدائم هو جوهر الوضع البشري. كما أنّه أيضاً أداة كبرى القصص والحكايات.
لتقييم شخصيّات فيلم ما من وجهة نظر القيم الانسانيّة، علينا أن نطرح الأسئلة التالية:

1. هل لها مصداقيّة؟ هل هناك رابط بيني وبينها؟ هل أرى صدىً لنفسي فيها؟
2. هل أجد نفسي بين الشخصيّات التاريخيّة؟ هل أتعلّم مما يفكّرون به وما يشعرون به وما يختارونه؟ هل يقدّمون لي فكرة عن الكيفيّة التي أصبحوا عليها، لماذا يفعلون ما يقومون به؟
3. هل أحببتهم؟ هل أشعر بالرحمة عندما يتألّمون؟ هل أجد وميضًا إلهيًّا في شخصيّاتهم الوضيعة؟ أفكارًا غامضة وشكوك شيطانيّة في الشخصيات المثيرة؟
4. ماذا تعني لي هذه الشخصيّات، الأشخاص المحيطين؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق