الأحد، 2 مارس 2014

ذئب وول ستريت


بقلم الأب أوليفر بورغ أوليفييه اليسوعيّ
نقلته إلى العربيّة يارا شُعاع أبو حديد




By Martin Scorsese (2013)
Jordan Belfort, Leonardo di Caprio, Donnie Azoff, Jonah Hill, Mark Hanna, Matthew McConaughey, Ronne Feinberg, Brian Sacca, Patrick Denham, Kyle Chandler, Naomi La Paglia, Margot Robbie








قال مارتن سكورسيزي، في مقابلة له مع توماس ستونيل لصحيفة "لوموند" في 24 كانون الأول 2013، «أردت من خلال الفيلم أن أقدم انطباع عن الفحش، وليس لأنّ الفيلم نفسه فاحش، وإنّما هذا الشعور الذي علينا ادراكه». ما من شكّ في أنّ الفيلم، في الواقع، يقدّم هذا الشعور. ولكن هل هذا بسبب أنّ مارتن سكورسيزي أراد هذا، أو بالأحرى لأنّ هذا الفحش يمجّد إحدى الشخصيّات التي يجسّدها ليوناردو دي كابريو، الذي يلعب دور "قذر"، "وسخ" أو "حقير". أثار أحدث أفلام سكورسيزي جدلًا بين النقاد والمشاهدين أيضًا.
القصّة: يقدم فيلم ذئب وول ستريت ذكريات الوسيط (سمسار البورصة) جوردن بلفور، الذي صنع ثروته عن طريق الغش بين ثمانينات وتسعينات القرن الماضي. يبيّن لنا الفيلم بداية حياة بلفور المتواضعة في كوينز إلى أن أصبح غنيًا للغاية وسيئ السمعة (يتأتّى العنوان من مقال متملّق بعض الشيء، أثار انتباه النائب العام الاتحاديّ).
في بداية الفيلم، تزوّج بلفور من امرأة محترمة جيدة، لم توافقه على اشكالاته المالية وخيانته المزمنة. نراهم في البداية ينتقلون من كوينز لوول ستريت، حيث حاول دون جدوى أن يبرهن نفسه بشكلٍ تقليدي في أواخر الثمانينات. تدرّب في شركة مهمّة تحت وصاية شخص قذر يؤدّي دوره ماثيو ماكونهي، لكنّه أقيل لدى انهيار سوق الأسهم في عام 1987. بدلا من تثبيط عزيمته، تذكّر الدرس الذي تعلمه من معلّمه وذهب إلى لونغ آيلاند حيث أنشأ شركة وساطة صغيرة. عرفت شركة بلفور، ستراتون أوكمونت، نجاحًا كبيرًا، ووظّف أكثر من ألف سمسار. تخصّصت الشركة في عمليّات "الضخ والتفريغ": أيّ تضخيم مفرط لقيمة الأسهم التي كانت عديمة القيمة تقريبا، ثم بيعها بسعر أعلى فتنهار القيمة مجددًا ويفقد المستثمرون أموالهم.
بسرعة، مع نجاح شركته، ترك زوجته ليبدأ حياته مع امرأة جميلة شقراء (مارغوت روبي)، ثم تزوّجها وبدأت تدخل معه في نمط الحياة التي اعتاد عليه. بعد بضع سنوات، أصبح بلفورت يعيش في قصر واشترى يخت وطائرة هليكوبتر، ينتقل بها من اجتماع لآخر، ويقيم أو يحضر أطراف الاحتفالات التي يسيطر عليها الكحول والمخدرات والنساء. ثمّ يدخل القصّة مدعيّ اتحاديّ باتريك دنهام (كايل تشاندلر) ، والهز من خلال مواجهته على أملاكه الخاصّة (بما في ذلك اليخت) وتركه يتباهى بقدراته الخاصّة مآثره الرائعة.
الاسلوب. كما فعل في أفلامه السابقة، أظهر لنا سكورسيزي رجالًا جذابين ومتردّدين في نفس الوقت. كما بيّن لنا عربدة المخدرات والجنس وجشع المال والسلطة. كتب جيروم مومسيلوفيك في مجلة الدراسات، في عدد شهر كانون الثاني 2014 قائلًا: "لا يزال سكورسيزي، في الواقع، مستمرًا في مطابقة صورة للحلم الأميركي المريرة، في كلتا الحالتين تحوّلت إلى نوع من الليبراليّة الوحشيّة. قال دي كابريو بوضوح في ذروة مجده، بالاشارة لشركته المزدهرة كنموذج لأمريكة نفسها. ولكن "أمريكا الوحشية، وبالتالي، التسليم لغضب التمتّع بالمال الأمريكي المدمّر. عنوان "الذئب"... تمامًا مثل الأسد بجانب شعار شركة وساطة، هو أوّل إشارة لهذه الوحشيّة، تمّ تصويره من قبل سكورسيزي حرفيًا كالانحدار إلى مرحلة حيوانيّة بحتة.
في سلسلة من الفكاهة العليا، تعلّم بلفور بدايات مهنة الحبال من خلال نوع من الانشوده البدائيّة، غنّاها صاحبه، وهو يضرب بقبضة يده على صدره. قانون الغاب هو القانون الوحيد المسيطر على مجتمع السماسرة، الذين لا يقلّون شأنًا عن البلغاء. قال أحد النقاد: "إنّ هذا يشير إلى انشودة حرب قبائل البرابرة الذين ما زالوا مستعرّين وهائجين. أحد أقوى المشاهد والمثيرة للاشمئزاز هو المشهد الذي نرى فيه بلفور في النادي، مع صديقه الصدوق وذراعه الأيمن، أزوف (جونا هيل) يفقد وعيه تمامًا تحت تأثير الكحول والمخدرات. قدّم المشهد بشكلٍ تراجيدي كوميدي مع انتحاب أزوف، يشير إلى الأزمة وينتهي الأمر به ساقطًا على الأرض فاقدا للوعي، في حين أنّ بلفور يشعر بالعجز خلال مكالمة هاتفية مذعورة عن أمواله، أجبر على الزحف على بطنه لركوب سيارته والتحرّك بوصة بوصة.
مشاهد الإذلال والرقابة، وهناك الكثير منها، تتشابك مع عربدة المخدرات والجنس والإثارة. من المفترض تخمين ما نشعر به مقابل هذا المزيج، وقبول أنّه إذا لم يكن هناك جاذبية في هذا النوع من السلوك، لا أحد يرتكبها.
الفكر. بالنسبة لسكورسيزي، الموضوع الحقيقيّ للفيلم هو عقليّة وول ستريت، عقليّة العصابات وراء واجهة محترمة وكريمة، وكما سبق ذكره، هو أساسا حلم أمريكي كاذب. عندما سألناه عن العاطفة المسيطرة في هذا الفيلم، قال: «في صنعها؟ الاحساس الذي دفعني؟ الغضب. أنا لا أعرف ما يلزم للعالم ليستعيد ثقته بالنفس، ولكن أرى معاناة الناس، وأنا لا أفهم ما يحدث.
إن عدنا، كخاتمة على السؤال المطروح في البداية، هل الفيلم أخلاقي أو غير أخلاقي؟
كتبت كريستينا ماكدويل، ابنة محامي بلفور، رسالة مفتوحة وصفت فيها الواقع القاسي لضحايا الاحتيال الذي يرتكبه بلفور ورجاله. وقالت «فيلمك هو محاولة غير مسؤولة للادعاء بأنّ هذا النظام مسلّي، في حين أنّ البلاد لم تتعاف بعد من سلسلة أخرى من الفضائح في وول ستريت».
يقدّم الفيلم إعلان لبلفور، الذي خرج مرّة واحدة من السجن وبدأ بإلقاء المحاضرات لنشر أفكاره وتحفيز أولئك الراغبين بالثراء. يلعب أيضًا دور صغير في الفيلم.
الناقد في مجلّة نيويوركر كتب: «أولئك الذين يدينون التطرّف يطالبون بالبراءة، ويحتجّون على الحصانة ضدّ إغراءاتها». قال سكورسيزي انّه «لم يرغب في البقاء بعيدا ويقول"هذا السلوك غير صحيح. ويتجلّى دورنا في التقديم». «من الواضح هذا سلوك سيء. ومن الواضح أنّ القيم تشوهّت وانقلبت رأسًا على عقب».
في الأساس، يبدو أنّ نيّة سكورسيزي ودي كابريو، أثناء تصوير فيلم سيرة حياة جوردن بلفور "الحقير"، أنّه من السهل جدًا إدانة الرجال مثل جوردن بلفور وزملائه، ولكن اذا كان بإمكانهم مواصلة الغضب مع الإفلات من العقاب، نحن أبرياء حقًا من هذا؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق