الأحد، 16 فبراير 2014

رجل من حديد

بقلم كريستينا غليكسمان
نقلته إلى العربيّة يارا شُعاع أبو حديد






Director: Zack Snyder
Starring: Henry Cavill, Amy Adams, Michael Shannon, Diane Lane, Russell Crowe
UK Release date: 14 June 2013






ماذا عن القصص التقليديّة التي نحبّها جميعًا؟ لا يمكن إنكار أنّنا البشر نملك الرغبة في معرفة كيفيّة بدايات الأمور. لا نريد معرفة ما يحدث وحسب،لكن ما حدث في البداية أيضًا. في السنوات الأخيرة، صدرت أفلام حول بدايات باتمان وسبايدرمان وولفرين، وغيرهم أيضًا. وحول كيف أنّ جيمس ت. كيرك التقى سبوك وأصبح قائد الحاملة يو إس إس. لا يقتصر هذا الاتجاه على الخيال العلميّ؛ فكر بمذكرات دراجة ناريّة، هيتشكوك أو العثور على نيفرلاند. في الواقع، لا يقتصر الأمر على الأفلام. أعتقد بشكلٍ خاص الموسيقيّة الشعبيّة الهائلة، الشرّ أو الأسطورة الأدبيّة للسيف الحجري الذي يرتبط بشخصيّة الملك آرثر الغامضة الذي يظهر في العديد من حكايات المائدة المستديرة. الكتاب المقدّس أيضًا، مليء بنوع القصص هذا: ولادة المسيح، داود وجليات وما هو سفر التكوين دون قصّة الخلق؟
لدينا هاجس معرفة من أين أتينا من حيث علم الأنساب وعلم الكونيّات لأنّنا نشعر بقوّة أنّ الماضي هو جزء من حاضرنا. نعرف عن أنفسنا ليس فقط ما نقوم به ومن نحن لكن، أيضًا، من خلال من هم أجدادنا وهكذا أيضًا نعرف عن الآخرين. عندما نقابل أشخاصًا جددًا، إحدى أولى الأسئلة التي نطرحها: "من أين أنت؟". مختلف الأشخاص لديهم معايير مختلفة لتحديد المنشأ: بالنسبة للبعض، الأصل هو الأجداد أو مكان الولادة أو مهد الطفولة؛ بالنسبة للبعض الآخر، يمكنها أن تكون مكان للعيش الآن أو المكان الذي يعتبرونه منزلهم. بالنسبة لي، كلّ هذه المعلومات لديها قيمة مختلفة. لاختيار واحدة فقط علينا مناقضة تعقيد فكرة الأصل وتأثيرها على هويتي، وهذه حقيقة، بالنسبة للكثير من الأشخاص.
تعود أصول رجل من حديد لسوبرمان ويكشف العلاقة المعقّدة بين الأصل والهويّة. بدأت مع ولادة كريبتون – كانت ولادة غير عاديّة، حيث أنّها الولادة الطبيعيّة الأولى منذ قرون- ونقله بعيدًا عن كوكب قدره الغاشم. تظهر تربيته في مزرعة كنساس من خلال ذكريات الماضي باستخدام أنواع مختلفة من الاخراج السينمائي وإظهار تباين جميل بين مزرعة كنساس النائية وطبيعة كريبتون المشبعة. ولد كال وسمّي كلارك من قبل والديه، سوبرمان ليس بمخلوقٍ غريب يعيش على الأرض؛ إنّه من كريبتون ومن كوكب الأرض، على السواء. تركيبه الجيني كريبتوني، لكن تربيته إنسانيّة تعتمد على محبّة الوالدين اللذين قدما له أخلاقًا حميدة وساعداه على تشكيل هويته. إنّها مسألة قديمة حول التنشئة. وبهذه الطريقة، كشفت قصّة سوبرمان ما عليه أن يكون إنسانًا بعيدًا عن هواجسنا.
ندرس الحيوانات ليس فقط لأنّها رائعة في حدّ ذاتها، لكن لأنّها طريقنا الذاتي لاستيعابها، لأنّه من خلال دراسة ما لسنا عليه، يمكننا فهم ما نحن عليه، بشكلٍ أفضل. لكن تعريف الانسانيّة لا يكمن فقط فيما يعرف بيننا وبين بقيّة العالم الحيواني. ندرس كلّ جانب من الجوانب الفزيائيّة، لكن يمكننا التوصّل إلى استنتاج أن قيمتنا أكبر بكثير من كوننا مجرّد أجزاء ماديّة. نستخدم الفلسفة وعلم النفس والأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع لمساعدتنا، لكن مايزال الفهم الواضح بعيد المنال. ميزة واحدة لأنماط الخيال العلمي والفانتازيا أنّها لا تقتصر على الواقع. لكنّها تستخدم خيالنا لتصوّر أشخاص مثلنا لكنّهم يختلفون عنّا، كما يمكننا، أيضًا، اكتشاف فكرة ماذا يعني أن تكون إنسانًا.
تشغل هذه المواضيع الفيلم بشكلٍ خفيّ، وتظهر، أحيانًا، بشكلٍ جليّ، لكنّها لا تعكّر، على الاطلاق، صفو القصّة. هناك موضوع ثالث مهيمن، أيضًا، وهو الهندسة الاجتماعيّة. في كريبتون، ولد جميع السكان، بشكلٍ اصطناعيّ مع أدوار اجتماعيّة محدّدة سلفًا. تجرأ والد كال/ كلارك على التفكير بشكلٍ مختلف وأنجبا الطفل الذي ستكون له حريّة اختيار طريقه. عدو سوبرمان الجنرال زود، الذي لا يرحم. إنّه ضحية مأساويّة لهندسة اجتماعيّة، تلعب دورًا قسريًا عليه من قبل المجتمع الذي لم يعد موجودًا.
نسج الرجل الحديديّ هذه الأفكار في قصّة دون مواجهتهم والتي قد أثبتت أنّها حجر عثرة للعديد من الكتّاب البارعين. خلال مدة العرض البالغة 143 دقيقة، لا تشعر بالملل خلالها. دائمًا هناك شيء ما يحدث في الفكر أو العمل. اعتراضي الوحيد، رغم أنّي أعشق مشاهدة المعارك بين الأبطال الخارقين، فقد وجدت أن مشاهد القتال أطول ممّا ينبغي. كالمعتاد، يظهر لنا كلّ ما هو مزدهر والعمل مليء بالنتائج ما يجعلك منشدًا حتى نهاية الفيلم.
إنّه فيلم ممتع للغاية، مدروس ومليء بالتسلية. سواء كان ذلك يصمد أمام اختبار الزمن ليصبح تصويرًا مبدعًا لسوبرمان أو سواء إن كان سيصبح عرضة للنسيان لكنّ عمقه واكتراثه يصل بالتأكيد إلى عمق المشاهد. هناك الكثير من المتعة لإبهار عشّاق مشاهد المغامرة.






رابط المقال الأصليَ: http://thinkingfaith.org/articles/FILM_20130621_1.htm


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق